الصومال.. العقبات والتحديات أمام تنظيم أول إنتخابات مباشرة منذ نصف قرن

ينتظر الكثير من الصوماليين العام 2021 ليكون نقطة التغيير الجذرية نحو الأمن والأستقرار والتنمية المستدامة، فمع إقتراب موعد إجراء الإنتخابات البرلمانية الأولى من نوعها منذ العام 1967، إذ تفصلنا سبع شهور تقريباً عن هذا الإستحقاق الإنتخابي، وهو الحدث الأبرز لهذا العام، فقد مهد توقيع الرئيس محمد عبد الله فرماجو على قانون الإنتخابات بعد تمريره في البرلمان الطريق لتنظيم إنتخابات في البلاد عبر الإقتراع الشعبي المباشر، إلا أن شكوكاً كبيرة تحيط بقدرة البلاد على إجراء هذا الإستحقاق، حيث ينص قانون الإنتخابات الرئاسية على أن أعضاء البرلمان النيابي والشيوخي ينتخبون عبر إقتراع شعبي مباشر، في حين ينتخب أعضاء البرلمان رئيس البلاد وفقا لدستور البلاد المؤقت، وتكمن أهمية القانون في أنه يطوي صفحة نظام المحاصّصة القبلية الذي كان معياراً لتقاسم السلطة لما يقارب عشرين سنة، وهو معيار قائم على أسس غير عادلة همشت بعض القبائل حقها في التمثيل السياسي، حيث أُسند إلى اللجنة البرلمانية المشتركة المكلفة بإستكمال إجراءات الإنتخابات الوطنية وفق ما نقلته وكالة الأنباء الوطنية الصومالية ”صونا” إعداد أربعة محاور في قانون الإنتخاب الوطني وهي:-
حصة المرأة في البرلمان، والدوائر الإنتخابية التي سيتم تقسيمها على أعضاء البرلمان
بالإضافة إلى وضع العاصمة مقديشو، وكيفية انتخاب أعضاء البرلمان المنحدرين من الأقاليم الشمالية للبلاد
تنتهي ولاية البرلمان الحالي بمجلسي الشعب والشيوخ نهاية شهر ديسمبر المقبل، وتنص المادة الثالثة عشرة من قانون الإنتخابات الجديد على أن تبدأ الإنتخابات التشريعية قبل شهر من إنتهاء ولاية البرلمان، وعلى أن تعلن اللجنة الإنتخابية الجدول الزمني قبل 180 يومًا من هذا الموعد أي نهاية مايو الجاري، بينما تنص المادة العاشرة من القانون على أن يكون النظام الإنتخابي إقتراعاً شعبياً مباشراً ووفق نظام “الأغلبية” الفوز للأكثر أصواتا المعروف اختصارا  (فبتب)
ومع ذلك لا يلوح في الأفق أي بوادر تشير إلي التزام الحكومة الإتحادية بتعهداتها حيال تنظيم اقتراع شعبي مباشر نهاية هذا العام، بل توجد مؤشرات دالة على الرغبة في التأجيل وخصوصاً أن المادة الثالثة والخمسين من قانون الإنتخابات الجديد تخول البرلمان سلطة إتخاذ قرار بشأن الإنتخابات في حال إعلان اللجنة الإنتخابية عدم قدرتها على تنظيم الإنتخابات في الوقت المحدد ما يجعل الباب مفتوحاً أمام إحتمالات التأجيل أو حدوث فراغ دستوري.
رغم هذا الغموض الذي يكتنف مصير الإنتخابات ترجح بعض المصادر أن الإنتخابات ستجرى نهاية العام الجاري أو بحلول العام المقبل؛ لأن هناك طرفين رئيسيين في المعادلة السياسية الصومالية يرفضان التأجيل أو التمديد ويصران على إجراء الإنتخابات في موعدها وهما: قوى المعارضة، والمجتمع الدولي الذي يرى الإنتخابات أمراً بالغ الأهمية للإستقرار السياسي في الصومال، وكذلك هناك طرف آخر مهم (ولايتي بونتلاند وجوبالاند) لديه وضعيه خاصة، فقد قطعوا علاقاتهم مع الحكومة الإتحادية ويرفضان أي تعاون معها بشأن الإنتخابات ما لم يتغير موقفها السياسي تجاههما ، ولم يحسم توقيع الرئيس محمد عبد الله فرماجو على قانون الإنتخابات في 20 من شهر فبراير الماضي الجدل بشأن النموذج الإنتخابي وأن تنظيم إقتراع شعبي يحظى بتأييد جميع الولايات الاتحادية الأعضاء والمعارضة السياسية والمجتمع المدني كما شدد عليه مجلس الأمن في تقريره الأخير عن حالة الصومال خلال ما تبقى من فترة ولاية الرئيس أمر صعب إن لم يكن مستحيلاً بسبب غياب عدد من الفئات الأساسية لتنظيم إنتخابات ذات مصداقية تتميز بالشفافية والشمولية والتنافسية الشريفة مثل:
• عملية تسجيل الناخبين وهذا ليس عملاً سهلاً، ولا أحد يعرف تعداد سكان الصومال، لقد تم إجراء آخر إحصاء رسمي للسكان في فبراير عام 1975.
• أمن الانتخابات: يمثل الأمن التحدي الأكبر أمام إجراء إنتخابات عامة، لأن الحالة الأمنية في عموم الصومال هشة ومتقلبة، ولا تزال حركة الشباب قادرة على شن هجمات على مصالح ومنشآت الدولة، فقد هاجمت قبل أسابيع بالصواريخ للمرة الثانية خلال أقل من شهر على المقر الرئيسي لبعثة الإتحاد الإفريقي لحفظ السلام (أميصوم) في مقديشو.
• مشكلة حدود الدوائر الإنتخابية: فقد تشهد الإنتخابات في 275 دائرة إنتخابية فردية في عموم البلاد وحتى الآن لم يتم الإتفاق على تحديد تلك الدوائر.
• مشكلة مقاعد الأقاليم الشمالية (أرض الصومال) وكيف سيتم تمثيل سكان منطقة بنادر، وهي منطقة إدارية تضم العاصمة مقديشو.
• كيفية ضمان حصة المرأة البالغة 30%.
• الآليات المتعلقة بالشكاوى والمنازعات الإنتخابية وسبل البت فيها يمثل عامل الوقت أيضا تحدياً آخر.
لم يتبق من موعد الإنتخابات التشريعية سوى أقل من سبعة أشهر، أضف ما سبق إلى أن قانون الإنتخابات الذي صادق عليه البرلمان لا يحظى بتوافق جميع الكيانات السياسية والمكونات القبلية في الصومال ما يجعل إجراء إقتراع شعبي مباشر في العديد من المناطق الآمنة مثل جوبالاند وبونتلاند مهمة معقدة

الرهان الخارجي وتأثيره على المشهد الانتخابي
تحظى الانتخابات الصومالية المقبلة إهتماماً كبيراً من قبل عدد من الدول التي تسعى إلى الحفاظ على مصالحها في الصومال والمنطقة، ومن أبرز تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية، والنرويج ، وتركيا، وكينيا، وإثيوبيا، وبريطانيا، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر ، ودولة قطر

الولايات المتحدة الأمريكية: يبدو أنها لا تهتم بمن سيكون الرئيس المقبل بقدر إهتمامها بالإستقرار السياسي ولا تعجبها الأوضاع السياسية الحالية نظراً لما يشكل من تهديد على مصالحها وبالتالي تحاول بصورة أو بأخرى حدوث تغيير سياسي بغض النظر عمن يقود هذا التغيير

مملكة النرويج: مهتمة بملف النفط والغاز في الصومال وشهدت علاقاتها خلال السنوات الأخيرة مع حكومة حسن علي خيري الذي يحمل جنسيتها تطوراً ملحوظاً ولعبت دوراً كبيراً في ملف إعفاء الصومال من الدين الخارجي ومن الممكن أن يكون لها دور وتأثير في الإنتخابات المقبلة

بريطانيا: تضغط من أجل إجراء الإنتخابات في موعدها ومهتمة بصعود قوى جديدة إلى السلطة، وأجرى السفير البريطاني لدى مقديشو بين فيندر خلال الأيام الماضية لقاء مع عدد من المرشحين للإنتخابات الرئاسية وأكد لهم على أنه يدفع بإتجاه إجراء الإنتخابات في موعدها تفادياً من حدوث إضطراب سياسي يقوض الإنجازات المحرزة في السنوات الماضية

جمهورية التركية: تغلغلت تركيا في النظام السياسي الصومالي ولديها نفوذ في جميع الحكومات السابقة، وأن مصالحها أكبر من أن تراهن طرفاً واحداً كما ألمح ذلك سفيرها لدى الصومال غالب يلماز وبالتالي ليست مستعدة بدعم طرف واحد وتعتقد بأن كل رئيس منتخب يحتاج إليها ومُجبر على الإحتفاظ بعلاقة طيبة معها

المملكة العربية السعودية: تعتبر دولة صديقة وأن إهتمامها لا ينصب فيما يجري داخل الصومال فحسب، وأنما تسعى أيضا إلى ضمان مصالحها في القرن الإفريقي من خلال الصومال وبالتالي يتوقع أن يكون لها دور لافت في الإنتخابات المقبلة نظرا للتحولات الجيوسياسة التي تشهدها المنطقة العلاقات بين المملكة والحكومة الحالية ليست في أفضل حالاتها وربما تحاول الرياض منافسه قطر وتركيا بمن يربح رهان التعامل مع الحكومة الجديدة.

دولة الإمارات العربية المتحدة: ترتبط بعلاقة طويلة مع الصومال وكانت من أكثر الدول الداعمة لها خلال السنوات الماضية وأنها لم تنسحب من المشهد الصومالي طوال تلك الفترة إلا أن علاقاتها مع الحكومة الحالية برئاسة مع عبد الله فرماجو ليست على ما يرام ولذلك تهتم أن تحسن علاقاتها مع الصومال بغض النظر عمن سيكون الرئيس المقبل

دولة قطر: من أكثر الدول الداعمة للحكومة الحالية ولديها علاقات طيبة مع مقديشو ولذلك يتوقع أن تضع كل ثقلها من أجل إعادة انتخاب الرئيس الحالي محمد عبد الله فرماجو أو إنتخاب رئيس الوزراء حسن علي خيري

كينيا: لقد ساءت علاقات كينيا مع الصومال بسبب ملف النزاع الحدود البحري المنظور حالياً أمام المحكمة الدولية في لاهاي وبالتالي تبحث عن مرشح يمكن أن تتساوم معه وهذا سيكون صعباً لأن دورها في الصومال محدود وليس لديها تأثير كبير بإستثناء ملف جوبالاند

إثيوبيا: هي من أكثر الدول تأثيراً في الساحة السياسية الصومالية وأن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد يحتفظ بعلاقات شخصية مع الرئيس فرماجو وبالتالي يتوقع أن يعمل من أجل تعزيز حظوظه في الفوز بالإنتخابات وتخفيف الضغوط الخارجية منه

السباق الرئاسي وحظوظ المرشحين
أعلن عدد كبير من السياسين عن نيتهم الترشح لخوض غمار الإنتخابات الرئاسية، ويتوقع في الشهور المقبلة أن يعلن آخرون ترشحهم بصورة رسمية غير أن عدداً قليلاً منهم هم الذين يحظون فرصاً متقدمة ومن بين هؤلاء الرئيس الحالي محمد عبد الله فرماجو، ورئيس الوزراء حسن علي خيري في حال أعلن ترشحه، ورئيس ولاية جلمدغ الأسبق عبد الكريم جوليد، والرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد، والرئيس السابق حسن شيخ محمود، ووزير الإعلام السابق طاهر جيلي، ورئيس الوزراء السابق عمر عبد الرشيد، والوزير السابق والسياسي المحنك عبد الرحمن عبد الشكور
الرئيس محمد عبد الله فرماجو
على الرغم من ظهور الرئيس محمد عبد الله بمظهر المرشح الأقوى للإنتخابات المقبلة ونجاحه في جهود إعفاء الصومال من الديون الخارجية، إلا أن محاولة إعادة إنتخابه ستكون صعبة وسيواجه منافسة شرسة وذلك بسبب واحد مهم وهو أن رئيساً صومالياً لم يفز أبدا بولاية ثانية إلى جانب الإعتبارات التالية:
شهدت شعبية الرئيس فرماجو إنخفاضاً خلال العامين الأخيرين، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الخلافات السياسية مع الإدارات الإقليمية وتزايد إنعدام الأمن، لقد شهدت مقديشو خلال فترة رئاسته أعنف هجمات حركة الشباب المنتسبة لتنظيم القاعدة مثل التفجير الأعنف في تاريخ البلاد تفجير زوبي الذي راح ضحيته أكثر من ٥٠٠ قتيل، وتفجير اكس كونترول الذي أودى بحياة عشرات من الأشخاص معظمهم من الطلاب والعمال البسطاء، فالتململ الشديد لدى بعض القبائل الكبرى في الصومال بسبب سياساته حيال توزيع الثروة والسلطة هو ما جعل العلاقات متوترة مع بعض دول الجوار والقوى الإقليمية، وتحالفه مع إثيوبيا “العدو التقليدي” للصوماليين وقراره بترحيل موسى قلب طغح القيادي في جبهة تحرير أوغادين إلى إثيوبيا وهذا أثار غضباً شعبيا واسعاً .
نظرا لطبيعة الإنتخابات الصومالية وحرص المشاركين فيها على التوازن القبلي فإن منصب الرئيس في الفترة المقبلة سيكون لغير عشيرة الرئيس فرماجو، هناك توقعات من أن يقرر رئيس الوزراء حسن علي خيري الترشح للإنتخابات المقبلة وهذه الخطوة قد تؤثر سلباً على فرص وحظوظ الرئيس.

حسن علي خيري: لم يعلن رئيس الوزراء الحالي حسن علي خيري رسمياً حتى الآن ترشحه للإنتخابات المقبلة وفي حال ترشّح سيكون ضمن المرشحين الأكثر حظوظاً للفوز بالإنتخابات

.
نقاط القوة
نجاحه في تفادي أي صدام مع الرئيس فرماجو حيث سيكون أول رئيس وزراء منذ إنهيار الدولة عام 1991 ينهي فترة ولايته كاملة دون خلافات مع الرئاسة، علاقاته المتوازنة مع رؤساء الولايات الإقليمية بما فيها ولايتي بونت لاند وجوبالاند التي تحظى بعلاقات سيئة مع الحكومة المركزية، إنتماءه القبلي حيث تسعى العشيرة التي ينحدر منها أن تحصل على منصب الرئيس في هذه الفترة

نقاط الضعف
• عدم حدوث فوز رئيس وزراء ترشح إلى جانب رئيسه الذى عينه في تاريخ الإنتخابات الصومالية.
• إخفاقات حكومته ولاسيما في المجالات السياسية والأمنية
• قربه من الرئيس فرماجو وعمله معه وهذا من شأنه أن يقلل فرصته بشأن الحصول على دعم رؤساء الولايات الفدرالية.
• نفور النخب السياسية من شخصيته التي تتسم بـ”الحدة والتشدد” مما يقلل فرص تحالفاته السياسية، بحيث لا يزال الغموض يلف حول كيفية إنتقاله من معسكر الرئيس السابق حسن شيخ محمود الذى سلم إليه إدارة حملة إعادة انتخابه عام 2016م إلى معسكر رئيس محمد فرماجو
• علاقاته المتوترة مع بعض مراكز القوى في العاصمة مقديشو شيوخ العشائر ورجال الأعمال.

عبد الكريم حسين جوليد: وزير الداخلية والأمن القومي الأسبق، والرئيس الأسبق لإقليم جلمدغ، وهو سياسي ذائع الصيت وصاحب العلاقة الواسعة لدى أوساط النخب السياسية والتعليمية والثقافية ويتمتع برصيد عال وانجازات جديرة بالثناء

نقاط القوة
إنجازاته التي حققها خلال توليه وزارتي الأمن والداخلية الفيدراليتين، ورئاسته لولاية جلمدغ ومسيرته الطويلة في المجالات الإنسانية والخدمية، تمكن الرجل عندما كان وزيراً للأمن من إعادة بناء الوزارة وهيكلتها بشكل مهني وبكفاءة عالية، وكان رئيساً لوفد الحكومة الإتحادية في المفاوضات مع إقليم أرض الصومال المنعقدة في تركيا وجيبوتي كانت تلك المفاوضات نقطة تحول في مسار الحوار مع اقليم أرض الصومال، وحقق كذلك عندما كان عضواً نشطاً في مؤسسات المجتمع المدني ورئيساً لرابطة التعليم الأهلي في الصومال نجاحات كبيرة، شارك في هيكلة قطاع التعليم الأهلي وبناء مدارس وجماعات جديدة، وتم توحيد المناهج الدراسية التي تتبع الرابطة في عهده بالتعاون مع البنك الإسلامي والندوة العالمية للشباب وبالتنسيق مع الحكومة
كونه المرشح القوي الوحيد بعد الرؤساء السابقين، مما سيؤهله أن يكون الوجه الجديد والبديل عنهم، والجدير بالإشارة هنا أنها أول مرة يترشح عبد الكريم لهذا المنصب، وإنتمائه إلي عشيرة من العشائر التي لم تتسلم سدة الحكم منذ عام 2004 ويحظى بتأييدها ودعمها
علاقاته الواسعة مع جميع الكيانات السياسية والمكونات المجتمعية ويتمتع بدعم رجال أعمال لهم نفوذ كبير في العملية السياسية في البلاد، وعلاقته القوية مع جميع رؤساء الولايات الفدرالية
وعلاقاته القوية والمتوازنة مع كافة الدول المهتمة بشؤون الصومال.

نقاط الضعف
فلدى المرشح عبد الكريم جوليد فرصة كبيرة للفوز بالإنتخابات المقبلة الا أن التحدي الأكبر الذي يواجهه يكون مواجهته منافسة قوية من قبل ثلاثة رؤساء سابقين، وكذلك تخوف النظام الحالي من المرشح قد تسبب عليه بعض الضغوط والمضايقات

حسن شيخ محمود: أكاديمي إكتسب خبرة سياسية واسعة خلال الأعوام الأربعة التي قضاها في الحكم (2012-2017) ولديه طموح كبيرة ويعمل بشكل جاد من أجل العودة إلى القصر الرئاسي التي فقده عام 2017 بسبب ما يصفه مؤيدوه بظلم ذوي القربي وطعنة من الخلف، لكن الرجل تطارده لعنة “الرئيس السابق” وإخفاقاته الكبيرة وفي شتى المجالات خلال حكمه وبالتالي ففرص إنتخابه مرة ثانية رئيساً للصومال ضئيلة، بالإضافة إلى خسارته في الإنتخابات السابقة وهو في سدة الحكم

شريف شيخ أحمد: كان رئيس المحاكم الشرعية التي نجحت عام 2006 في إعادة الأمن والإستقرار، وإنتخب رئيساً للبلاد عام 2009 وقاده في فترة تعد واحدة من أكثر الفترات صعوبة، نجح في إدارة أزمة المجاعة التي ضربت البلاد عام 2011 وتهديدات حركة الشباب التي كانت تسيطر على مناطق شاسعة من العاصمة مقديشو الأمر الذي أكسبه قبولاً في قلوب عامة الناس والسياسين على حد سواء، وكانت حظوظه متقدمة قبل عام تقريباً إلا أن تصريحاته الأخيرة حيال بعض القضايا السياسية المعقدة قللت من قيمته وأدت إلى تراجع شعبيته بشكل ملحوظ، وفي الأثناء عملت الماكينة الإعلامية المنسوبة للحكومة الحالية إلى حد ما في تصويره كزعيم قبلي وأمير حربي مما يزيد الشكوك والتحفظات عليه من قبل كبار السياسيين وزعماء العشائر، وتجذر الإشارة أن الإنتخابات المقبلة ستكون المحاولة الثالثة في خوض الإنتخابات الرئاسية حيث أخفق في المرتين السابقتين

طاهر محمود جيلي: وزير الإعلام السابق شغل فترة منصب سفير الصومال لدى المملكة العربية السعودية، يعتبر جيلي من الشخصيات السياسية المهمة في الساحة السياسية الصومالية ولدية شعبية في أوساط النخب الصومالية المثقفة

عمر عبد الرشيد شرماكي: ابن رئيس الصومال الأسبق عبد الرشيد شارماركي ، وتولى منصب رئيس الوزراء مرتين عام ٢٠٠٩ وعام ٢٠١٦ ويعتبر من الشخصيات البارزة والمؤثرة في المشهد السياسي الصومالي ولديه حظوظ في الفوز بمنصب رئيس الصومال رغم خسارته في الإنتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٧

عبدالرحمن عبد الشكور: سياسي معروف ووزير سابق، كان من المتحالفين مع الرئيس فرماجو في انتخابات عام ٢٠١٦ لكن أنقلب عليه وأصبح من أشد المعارضين للرئيس فرماجو بعد مداهمة منزله من قبل قوات الإستخبارات وإعتقاله في ديسمبر عام 2017 ، فلدى المرشح عبد الرحمن عبد الشكور حظوظ معقولة غير أن حبه المفرط في تناول جميع القضايا سواء السياسية والدينية والإجتماعية ورفضه الدائم للتحالف مع القوى السياسية الأخرى يمكن أن تأثر سلباً على حظوظه في الإنتخابات الرئاسية المقبلة،هذا وأن علاقته مع الحكومة الكينية ودوره في توقيع مذكرة التفاهم بين الصومال وكينيا عام ٢٠٠٩ والتي نصت على إنهاء النزاع بين البلدين بشأن الحدود البحري بالمفاوضات تعد من أهم نقاط ضعفه ومن شأنها أن يقلل فرص فوزه في الإنتخابات المقبلة

عبد القادر عوسبلي: نائب في البرلمان الفدرالي ورجل أعمال معروف وهو رقم صعب في المشهد السياسي الصومالي، ويتمتع بإرادة سياسية لا تلين، لقد ترشح لهذا المنصب أكثر مرة وأنه لا يزال يراوده هذا الحلم ولديه حظوظ معقولة.

التجارب الإنتخابية السابقة
وكان الصومال قد مارس التجربة الديمقراطية تسع سنوات تقريباً بعد نيله الإستقلال في العام 1960، وكان العام 1967 آخر مرة صوّت فيها الشعب في إنتخابات بشكل ديمقراطي، وبعد أيام قليلة من إغتيال الرئيس عبد الرشيد علي شرماركي في العام 1969 حدث إنقلاب عسكري بقيادة الجنرال محمد سياد بري، الذي عطل الدستور والتجربة الديمقراطية.
وإستمر حكم العسكر 21 عاماً قبل أن تتم الإطاحة به من قبل فصائل مسلحة في العام 1991، ثم إنزلقت البلاد بعدها إلى حرب أهلية دامية، وقد نجحت مبادرات دولية وإقليمية في عقد مؤتمرات تصالحية للفرقاء الصوماليين ساهمت أخيراً وبدءا من عام 2000 في تشكيل حكومات إنتقالية حتى عام 2012، وحينها تمكن الصومال من الخروج من الفترة الإنتقالية ونظّم عمليتين إنتخابيتين لكن وفق نظام المحاصّة القبلية بإعتباره حلاً مؤقتاً.

الخاتمة
ستجرى الإنتخابات التشريعية والرئاسية في الصومال في موعدها رغم التحديات والعقبات ولن يختلف النظام الإنتخابي عن النماذج الإنتخابية السابقة، وأن معركة الإنتخابات الرئاسة ستكون حامية الوطيس، وستشهد منافسة شديدة بين الرئيس فرماجو وعدد من المرشحين الآخرين ما يشرع الباب مفتوحاً لكل الإحتمالات،وفي هذا الإطار لا بد من الإشارة إلى أن العامل الأهم الذي قد يحسم المعركة هو دور الدول المعنية بالشأن الصومالي، لكن مواقف هذه الدول غير متحدة ومتأرجحة بين دول مهتمة بإعادة إنتخاب الرئيس فرماجو وأخرى تتطلع إلى وصول وجوه جديدة للقصر الرئاسي ” فيلاصوماليا” بمقديشو.

عبد العزيز محمد جوليد
جمهورية الصومال الديموقراطية

الصومال.. العقبات والتحديات أمام تنظيم أول إنتخابات مباشرة منذ نصف قرن